[محلياً.1] صحيفة التوحيد السلمي، العدد 217 "سكان المناطق الحدودية يروون التغيرات التي طرأت المنطقة الحدودية اليوم، حكايات علت أصواتها بعد توقف مكبرات الصوت"
- قسم التواصل والإعلام
- 01-07-2025 ~ 01-08-2025
صحيفة التوحيد السلمي، العدد 217 "سكان المناطق الحدودية يروون التغيرات التي طرأت
المنطقة الحدودية اليوم، حكايات علت أصواتها بعد توقف مكبرات الصوت"
بعد مرور شهرين على وقف البث عبر مكبرات الصوت بين الكوريتين، استعاد سكان المناطق الحدودية هدوء الليل أخيراً. غير أنّ التوتر لم يتبدّد كلياً؛ فأصوات الدبابات والمدافع، والبالونات المحمّلة بالنفايات، وضجيج البث الدعائي ما زالت عالقة في تفاصيل حياتهم اليومية.
نظم المجلس الاستشاري الوطني للوحدة السلمية ندوة حوارية حضرها سكان المناطق الحدودية من كانغهوا وكيمبو وتشوروان، بهدف نقاش واقع الانقسام في كوريا وتأثيره على حياتهم اليومية، بالإضافة إلى معنى السلام بالنسبة لهم. وحضر الندوة كل من جيون يونغ سيون الأستاذ بجامعة غيونغوك (المُحاور)، وكيم كيونغ هو مدير شركة "كانغهوا آيلاند كيمتشي" (إنتشيون/كانغهوا-غون)، وجو مين جاي مدير معهد كيمبو للتاريخ والثقافة (كيمبو/كيونغي)، شين هاي جونغ مديرة معهد دراسات البيئة السكنية بالمناطق الحدودية (كانغهوان/ تشوروان-غون).

إعداد: جو أون غيوم | تصوير: بارك تشانغ سو | فيديو: تشوي أوي إن
المُحاور: جيون يونغ سيون
• أستاذ في معهد الدراسات الإنسانية للتوحيد بجامعة كونكوك
• عضو استشاري في النسخ 13 و15 حتى 21 من المجلس، وعضو دائم
المناقشة
كيم كيونغ هو (إنتشيون/كانغهوا-غون)
• مدير شركة "كانغهوا آيلاند كيمتشي"
• عضو استشاري في النسخ من 18 حتى 21 ، ورئيس النسخة 21 من المجلس
جو مين جاي (كيونغي/ كيمبو-سي)
• مدير معهد كيمبو للتاريخ والثقافة
• عضو استشاري في النسخ من 18 حتى 21 من المجلس
شين هاي جونغ (كانغهوان/تشوروان-غون)
• مديرة معهد دراسات البيئة السكنية بالمناطق الحدودية
• عضو استشاري في النسخ من 19 حتى 21 من المجلس
طفولة كان دويّ الدبابات والمدافع فيها جزءًا من أصوات الطبيعة كزقزقة العصافير
المُحاور: بدايةً، نرجو منكم أن تقدّموا أنفسكم مع التركيز على تجربتكم في خوض الحياة بالمناطق الحدودية.
شين هاي جونغ: وُلدتُ ونشأتُ في تشوروان. في طفولتي، كان يومي مليئًا دومًا بأصوات الدبابات والمدافع. وفي الليل، كان يُفرض علينا حظر تام يمنع تسرب أي ضوء، فيما كان البث الدعائي الموجّه للجنوب يخترق الآذان كأنه يملأ الهواء من حولنا. وعندما عشت فترة قصيرة في سيئول ثم عدت إلى تشوروان، بدا لي هواء الليل الهادئ غريبًا ومربكًا. في تشوروان يختلف الليل عن النهار؛ فخلال النهار، تمر الدبابات بالطرق فتسدها، وتهتز المباني تحت دويّ المدافع. ومع ذلك، نشأ الأطفال وهم يتعاملون مع تلك الأصوات كما لو كانت مجرد زقزقة عصافير.
جو مين جاي: نشأتُ في كيمبو. وأكثر ما يعلق بذاكرة الطفولة الخاصة بي هو جمع المنشورات الدعائية التي كانت تتساقط. كيمبو أرض يحيط بها السلك الشائك من ثلاث جهات. ومع تسارع وتيرة التحضر، تلاشت حِدة هذا الإحساس قليلًا، لكن ما إن تخرج إلى الأطراف حتى تصطدم مجددًا بالأسلاك الشائكة. فالعيش هنا يعني أن تبقى حقيقة الانقسام حاضرة دائمًا في تفاصيل حياتك.
كيم كيونغ هو: تُعد كانغهوا منطقة زراعية نظيفة ووجهة سياحية في الوقت نفسه، لكنها أيضًا من أولى المناطق التي يعتريها القلق عند توتر العلاقات بين الكوريتين. ففي موسم الزراعة، تصبح حتى عملية نقل الأسمدة صعبة بسبب القيود على حركة المركبات، ما يخلّف خسائر اقتصادية كبيرة على المزارعين. وكلما ارتفع التوتر العسكري، يتملك السكان القلق متسائلين: "ماذا سيحدث هذه المرة؟"
بالونات النفايات والبث الدعائي من الشمال… حين ينهار روتين الحياة اليومية
المُحاور: خلال العام الماضي، تسببت بالونات النفايات القادمة من الشمال والبث الموجَّه نحو الجنوب بأضرار مباشرة للسكان. هل لديكم أمثلة ملموسة مما
عشتموه؟
شين هاي جونغ: سقطت بالونات النفايات في حقول الأرز خلف قريتنا وانفجرت وحدة منها، واضطررنا لحرثها بالآلات الزراعية للتخلص منها، لكن القلق ظل يلاحقنا بعد ذلك. أما البث الموجّه للجنوب فيسميه الأهالي "صوت الأشباح"؛ إذ أن طنينه المستمر أصاب الكثيرين بالأرق. أذكر أيضاً أن بالوناً سقط أمام أحد المطاعم، فتسبب في إغلاقه يوماً كاملاً وخسارة قوت يوم أصحابه.
جو مين جاي: بالرغم من تحول كيمبو إلى مدينة كبرى يقطنها نحو نصف مليون نسمة، فإن بالونات النفايات ما زالت تثير الخوف. بل إن حادثاً وقع قرب مطار كيمبو حين سقط بالون على مصنع لقطع غيار السيارات وأشعل حريقاً. مثل هذه الحوادث تُظهر أن تلك البالونات لم تعد مجرّد مصدر إزعاج، بل تهديداً مباشراً لسلامة السكان.
"كان صوت البث الدعائي الموجَّه للجنوب يتردّد مع الفجر وكأنه صوت أشباح. حتى الأطفال لم يتمكنوا من النوم، فيما رفضت الماشية تناول العلف."

كيم كيونغ هو، مدير "كانغهوا آيلاند كيمتشي"
كيم كيونغ-هو: كانت كانغهوا الأكثر تضررًا، فمع كل فجر، كان البث الدعائي القادم من الشمال يحرم السكان من النوم، فيما أُصيب الأطفال بالقلق واضطر كثير منهم لزيارة المستشفى. حتى الماشية كانت تفزع من الضجيج فترفض تناول العلف، ما كبّد المزارع خسائر كبيرة. صحيح أن بعض المنازل جرى تزويدها بعوازل صوت، لكنها لم تكن كافية لحماية جميع السكان.
بعد توقف البث الدعائي… وعودة الليالي الهادئة
المُحاور: من أبرز التغييرات التي شهدناها بعد تولّي الحكومة الجديدة هو وقف البث الدعائي الموجَّه للجنوب، وهناك من يرى أن ذلك قد يشكّل زخماً لتحسين العلاقات بين الكوريتين. هل لمستم هذا التغيير على أرض الواقع؟
كيم كيونغ هو: بعد وقت قصير من وقف البث عقب تنصيب الرئيس الجديد، أوقف الشمال بدوره البث من جانبه. وفي تلك اللحظة عاد الهدوء إلى القرية. في السابق، كان بعض السكان يُضطرون لدخول المستشفى بسبب الضوضاء، كما كانت الشكاوى لا تنقطع، لكن مع اختفاء الصوت تراجعت تلك الشكاوى بشكل كبير. يمكن القول إن أجواء القرية بأكملها تبدلت.
"يجب أن تتواصل مجالس المناطق الحدودية وتتضامن في أنشطتها. حتى الفعاليات الصغيرة يمكن أن تُبقي شعلة السلام حيّة."

جو مين-جاي، مدير معهد كيمبو للتاريخ والثقافة
جو مين جاي: آمل أن يستمر هذا الهدوء القائم الآن ليصبح فرصة للتواصل السلمي والتبادل الحقيقي بين الكوريتين. ما نتمناه هو أن يتحول هذا التغيير من حالة مؤقتة إلى مسار ثابت يتجذّر كتيار سلام مستدام.
شين هاي جونغ: في تشوروان، ما إن توقف البث الدعائي الموجه للجنوب حتى تبدّد سريعًا ذلك القلق الذي كنا نعيشه كأمر اعتيادي حتى عام واحد فقط. لقد استعدنا حياتنا الطبيعية في لحظة. حين استعدنا راحة البال والإحساس بالاستقرار، كان أول ما تغيّر في حياتنا هو جودة النوم وهذا أعظم فارق بالنسبة لنا. فالمزارعون يبدأون يومهم عند الرابعة فجرًا، ونمط حياتهم يختلف عن الموظفين؛ لذا يحتاجون إلى النوم عند الثامنة أو التاسعة مساءً. لكن في تلك الساعات بالذات، كان البث الدعائي يدوّي بلا توقف ويمنعنا من النوم. أمّا اليوم، فلا يُسمع أي صوت، فننام حين نريد ونستيقظ حين نشاء. بفضل ذلك استعاد الجسد والنفس طاقتهما، وعادت الحياة إلى طبيعتها. أليست هذه أكبر معاني السلام التي يشعر بها السكان...
المناطق الحدودية… أرض القيود والفرص
أجمع المتحاورون الثلاثة على أنّ البيئة الطبيعية والموارد التاريخية والثقافية في المناطق الحدودية تُعدّ ثروة كبرى، لكنهم في الوقت نفسه أشاروا إلى أن كونها مناطق عسكرية محمية ووجود قيود على التنمية إضافة إلى ضعف البنية التحتية للطرق، كلها عوامل تحدّ من فرص التطور.
الُمحاور: ما هي برأيكم مزايا العيش في المناطق الحدودية، وكيف يمكن أن تنعكس هذه المزايا على تنمية المنطقة أو على مسار العلاقات بين الكوريتين؟
جو مين جاي: تمتلك كيمبو تراثًا ثقافيًا غنيًا وموقعًا جغرافيًا مميزًا، إلا أن كونها مُحاطة بالأسلاك الشائكة وكثرة القيود تجعل من الصعب الاستفادة الكاملة من هذه المزايا. نحن بحاجة إلى دعم سياساتي يتيح تحويل مواردنا التاريخية إلى قصص حية ونقاط محورية للتبادل والتواصل.
شين هاي جونغ: تشوروان تملك أراضي زراعية واسعة، لكنها تعاني من غياب شبكة طرق ما يجعل من الصعب نقل المنتجات الزراعية. إن تحسين البنية التحتية للمواصلات أمر ملحّ لضمان استقرار مقوّمات حياة السكان.
كيم كيونغ هو: أبرز ما يميز كانغهوا هو بيئتها الطبيعية المحفوظة وتربتها الخصبة الصالحة للزراعة. كما أن قربها من خط الهدنة العسكري يمنحها موارد سياحية فريدة في مجالي التاريخ والأمن، ما يفتح آفاقًا واعدة لصناعة السياحة. لكن الواقع يشهد تراجعًا في عدد السكان وتسارع وتيرة الشيخوخة، وهو ما أفقد المنطقة كثيرًا من حيويتها. هناك ضرورة لدعم وتعزيز بيع المنتجات المحلية وتوسيع مرافق المعالجة، إلى جانب استقطاب الشباب وتوفير ظروف استقرار تشجعهم على البقاء.

أفضل وسيلة لشفاء جراح الانقسام الداخلي هي التعليم والتجربة
المحاور: في مجتمعنا اليوم، أصبحت تعبيرات مثل اختلاف وجهات النظر حول التوحيد في الجنوب أو الخلاف بين الجنسين شائعة الاستخدام، إلى درجة تعكس عمق الانقسام الاجتماعي. ما الذي يمكن فعله لتوسيع مساحة التفاهم والمصالحة الداخلية؟
كيم كيونغ هو: أعتقد أنه إذا جرى تحويل مسارات الأسلاك الشائكة الممتدة على طول الساحل إلى ممرات للمشي، فستصبح مساحات يشعر فيها المواطنون بروح السلام والتضامن بدلاً من المنافسة. في الماضي، نُظّمت في كانغهوا مسابقة للمشي، وإذا أولت الحكومة والسلطات المحلية اهتمامًا أكبر لمثل هذه المبادرات، ستتاح للسكان فرص طبيعية للتلاقي والتواصل.
شين هاي جونغ: في الماضي نشأنا ونحن نردد بلا وعي أغنية "أمنيتنا"، أما طلاب اليوم فتصوراتهم عن الانقسام والوحدة غامضة وبعيدة عما كانت عليه في جيلنا. أعتقد أن الأطفال يجب أن يدخلوا إلى المنطقة الحدودية المدنية بأنفسهم ليروا الواقع ويعيشوا التجربة بشكل مباشر. ومن أجل ذلك، ينبغي إدراج مقررات تعليمية حول الوحدة كمادة إلزامية في المدارس، مع توفير برامج ميدانية آمنة ومدعومة بشكل منهجي من قبل الحكومة والسلطات المحلية.
جو مين جاي: كيمبو هي مدينة شابة، إذ يبلغ متوسط أعمار سكانها أوائل الأربعينيات، وأكثر من 90٪ منهم وافدون من خارجها. وفي ظل هذا الواقع، لا يحقق أسلوب التعليم الأيديولوجي التقليدي أي فاعلية. ما نحتاجه بحق هو برامج حول السلام والأمن تُوجَّه بالأساس إلى الشباب، ويشارك فيها أفراد الأسرة معًا. في كيمبو، وخصوصًا عند موقع مقبرة الملوك (جانغنِنغ) ومناطق الأسلاك الشائكة، توجد موارد تاريخية غنية. وعندما نستعيد ذكرى الزمن الذي كان فيه نهرا الهان وإيمجين نهراً واحداً ونتأمل معناه، سنصل بشكل طبيعي إلى إدراك ضرورة الوحدة، وأهمية السلام والتبادل والتعاون.
من دروب السلام إلى مسارات التعاون
المحاور: يبدو أنكم تؤكدون على ضرورة الاستفادة من موارد وقيم السكان المحليين كوسيلة للتواصل والارتباط بمسار السلام والوحدة. فهل هناك بالفعل سياسات أو خطط ملموسة على مستوى الحكومات المحلية تدعم هذا التوجّه؟
جو مين جاي: مع تسارع وتيرة التوسع الحضري في مدينة كيمبو، تتلاشى تدريجياً سمات المنطقة الحدودية فيها. ففي الماضي، كانت المنطقة بمثابة مركز للتواصل بين الشمال والجنوب، كما في حالة منطقة كايسونغ الصناعية، ولكن اليوم، ومع تركيز الحكومة على قضايا منطقة العاصمة، مثل مشكلة السكك الحديدية، باتت هذه المنطقة مهمشة، وهو أمر مؤسف للغاية. كما أن تغيير توجهات السياسة مع كل حكومة جديدة يمثل عقبة أخرى. رغم استمرار الجهود المبذولة على المستوى المحلي، إلا أنه من الصعب تجاوز هذه القيود.
كيم كيونغ هو: في منطقة كانغهوا، هناك مساحات واسعة مثل جزيرة كيودونغ التي يمكن استثمارها بشكل مشترك. كما يمكن التفكير في إنشاء مصانع هناك، بما يتيح في المستقبل إمكانية العيش والعمل مع سكان الشمال جنباً إلى جنب. ومن المهم ألا يقتصر الأمر على الحفاظ على الأرض، بل تحويلها إلى فضاء يُستخدم بصورة مشتركة بين الكوريتين، ليكون منطلقًا للتنمية والازدهار المشترك.
جو مين جاي: إن الأعضاء الاستشاريين بالمجلس قد دأبوا طوال السنوات العشر الماضية على تنظيم حملات وفعاليات متعلقة بـ "طريق بيونغهوا نوري". وفي مدينة كيمبو، قمنا برسم جداريات أسفل السياج الحدودي حتى يتمكن المواطنون من استشعار معنى السلام. كما واصلنا إقامة فعاليات مخصصة للمنشقين القادمين من الشمال وللأسر متعددة الثقافات، إلى جانب إقامة برامج الجولات الميدانية والأنشطة التطوعية منتظمة. إن كيمبو، وكانغهوا، وباجو، وكانغسيو في سيئول تشكل معًا نطاقًا ثقافيًا واحدًا غنيًا بالموارد المشتركة. وإذا قام المجلس الاستشاري الوطني للوحدة السلمية بلعب دور الوسيط النشط في ذلك، فستكون النتائج بالغة الأثر.
لقد قمنا في إحدى المرات بإجراء زيارة متبادلة مع منطقة يونجاي-غو في بوسان. وقد دُهش الجميع عند اكتشاف أن هذه المنطقة لا تبعد سوى 1.4 كيلومتراً عن كوريا الشمالية، ما جعلهم يستشعرون واقع الانقسام عن قرب. وبما أن أجواء المناطق الحدودية تختلف من مكان إلى آخر، فإن قيام المجالس الفرعية في المناطق الحدودية مثل تشوروان، وكانغهوا، ويونتشون بزيارات متبادلة وإقامة أنشطتها سيكون أمر ذو مغزى كبير.
شين هاي جيونغ: في تشوروان تُقام فعاليات مثل سباق الماراثون في المنطقة المنزوعة السلاح (DMZ) والمهرجانات الموسيقية. لكن على مستوى المجالس الفرعية، لا تزال المشاريع المباشرة المشتركة محدودة. لقد خضنا تجربة تنظيم سباق مشي يبدأ من منطقة إيمجينغاك في باجو وينتهي في منتصف الطريق نحو تشوروان، وكان ذلك مثالاً جيداً. أعتقد أن التحدي المقبل يتمثل في أن توحِّد المجالس في المناطق الحدودية جهودها لإقامة فعاليات مشتركة وتبادل نتائجها فيما بينها.

إزالة الألغام وتعلم الأطفال قيمة السلام في المستقبل
المُحاور: بصفتكم من سكان المناطق الحدودية، ما الأمور التي تودون أن تتحقق في مسار العلاقات بين الكوريتين؟
كيم كيونغ هو: حين يجتمع ممثلو المجالس الفرعية في كيمبو، وتشوروان لتبادل النقاشات، يظهر دومًا مطلب مشترك، وهو ضرورة وقف البث الدعائي الموجّه إلى الشمال. فسكان المناطق الحدودية عانوا وما زالوا يعانون معاناة كبيرة بسببه، وتراكمت الأضرار في تفاصيل حياتهم اليومية. لذلك، كان يجب أن تنظر الحكومة والسلطات المحلية في الأمر بجدية. ونحن نأمل أن يضطلع المجلس الاستشاري الوطني للوحدة السلمية بدور قيادي في ترسيخ أجواء الوئام ونقل أراء السكان بصدق.
جو مين جاي: أعتقد أن جميع أمنياتنا لا تختلف كثيراً، وهي أن تتحسن العلاقات بين الكوريتين، وأن يزدهر التعاون والسلام الذي طالما انتظرناه. لكن من الصعب أن تتحقق تطلعاتنا هذه عن طريق قرارات الحكومة فقط. لذا، في رأيي أن المجالس الفرعية والمحلية يجب أن تُظهر إرادة حقيقية لحماية السلام عبر خطوات عملية ملموسة. فعندما يتكاتف الاعضاء الاستشاريون، وتصل أنشطتهم إلى وسائل الإعلام والهيئات المركزية، حينها فقط تدرك الحكومة إرادة السكان. ورغم أن إحداث تغييرات كبرى في السياسات قد لا يكون ممكنًا على الفور، إلا أن جعل المنطقة نفسها فاعلاً أساسياً ومواصلة الأنشطة العملية هو السبيل الأهم من أجل القضية.
شين هاي جونغ: في تشوروان، تم مؤخراً تشديد الإجراءات الإدارية والرقابة لمنع توزيع المنشورات المناهضة لكوريا الشمالية. كما كان لمنع دخول المركبات المشبوهة إلى المنطقة دوراً ساهم في تخفيف قلق السكان، وهذا أمر إيجابي. لكن الأهم من ذلك هو السعي نحو تحقيق السلام دون اللجوء إلى العنف. صحيح أن الميزانيات تشكل عائقاً، لكن من الضروري أن تتوحد جهود المجالس الفرعية في المناطق الحدودية لتنظيم فعاليات مشتركة، وتعريف السكان بمدى قربهم مادياً ومعنوياً من كوريا الشمالية. كما يجب البدء بتوعية الأطفال منذ الصغر، فالمشاركة في برامج تعليمية تتيح لهم رؤية كوريا الشمالية عن قرب، وتعريفهم بقيمة السلام، ستساهم في تنمية وعيهم وإحساسهم بالمسؤولية، وهو ما سيؤثر إيجاباً على مستقبلهم.
"من الضروري أن نتيح للأطفال فرصة التعرف على كوريا الشمالية بأنفسهم وعيش تجربة ملموسة عنها. ويمكن للمجلس الاستشاري الوطني للوحدة السلمية أن يضطلع بهذا الدور."

شين هاي جونغ، مديرة معهد دراسات البيئة السكنية بالمناطق الحدودية
من واقع اليوم إلى آمال الغد
إن ما رواه سكان المناطق الحدودية خلال هذه الندوة لا يقتصر على إيصال أصواتهم المحلية فحسب، بل يعيد التذكير بمهمة العصر الكبرى المتمثلة في تحقيق السلام والوحدة في شبه الجزيرة الكورية. فالجيل الذي اعتاد على أصوات الدبابات والمدافع وكأنها جزء من يومه العادي، والسكان الذين واصلوا حياتهم رغم بالونات النفايات وضجيج مكبرات الصوت، يرون أن السلام ليس خطاباً بعيداً أو شعاراً فضفاضاً، بل هو واقع يومي وأمل نحو المستقبل. فالسلام بالنسبة لهم هو ليلة هادئة يمكن النوم فيها بطمأنينة، وهو قرية آمنة يلهو فيها الأطفال بلا خوف، وهو طريق يمتد ليتجاوز جراح الانقسام نحو ازدهار مشترك للمنطقة. كما شددوا على أن "المجلس الاستشاري الوطني للوحدة السلمية" ينبغي أن يضطلع بدور الجسر الذي يربط بين موارد المنطقة وأصوات سكانها، وأن مواصلة الأنشطة الصغيرة بشكل متواصل وثابت هو السبيل لترسيخ هذه المسيرة.
وكما أظهرت هذه الندوة، فإن السلام ليس فكرة مؤجلة أو شعاراً بعيد المنال، بل هو مهمة ينبغي تأديتها وتحقيق نتائجها هنا والآن. وحين تتعالى أصوات سكان المناطق الحدودية، وتتحول تجاربهم إلى مساحة يتقاسمها الجميع بالتعاطف والتضامن، فإن السلام على شبه الجزيرة الكورية سيقترب خطوة أخرى إلى الأمام.
التالي
صحيفة التوحيد السلمي، العدد 217 "الكلمة الترحيبية للأمين العام"
السابق
صحيفة التوحيد السلمي، العدد 216 "الذكرى الثمانون للتحرير! إطلاق حكومة لي جاي ميونغ، وإعادة التفكير في الديمقراطية والتوحيد السلمي" بداية حقبة ما بعد الحرب الباردة: علينا أن نصمم مستقبلًا ينتقل من مجرد "التحرير" إلى تحقيق "السلام"
-
هل أنت راضي عن المعلومات التي قرأتها؟





